تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شفاء العليل شرح منار السبيل
223419 مشاهدة
من مكروهات قضاء الحاجة البول في الجحر والنار والرماد

قوله: [وشق] لأنها مساكن الجن، لحديث قتادة عن عبد الله بن سرجس نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبال في الجحر قالوا لقتادة ما يكره من البول في الجحر. قال: يقال إنها مساكن الجن رواه أحمد، وأبو داود . وروي أن سعد بن عبادة بال في جحر بالشام، ثم استلقى ميتا .
[ونار] لأنه يورث السقم، وذكر في الرعاية: ورماد.


الشرح: وهذا مما يكره البول فيه، لحديث قتادة عن ابن سرجس الذي ذكره الشارح، وقد صحح هذا الحديث الحاكم ووافقه الذهبي وأما قصة سعد بن عبادة فقد قيل بأنها لا تصح، مع أنها مشهورة عند المؤرخين، قال ابن عبد البر لم يختلفوا أنه- أي سعد وجد ميتا في مغتسلة، وقد اخضر جسده، قال: ولكني لم أجد لها إسنادا صحيحا على طريقة المحدثين .
وعلى كل: فهذه القصة مشهورة عند المؤرخين، وهم عادة وهم لا يذكرون الأسانيد، لذلك ذكر الإمام أحمد شأن التاريخ يروى أكثره بلا إسناد.
فمن المشهور إذا أن سعدا قد قتلته الجن بعد أن بال في الجحر، وأنهم قالوا بعد موته:
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسـهم فلـم نخـطئ فـؤاده

فلعل ذاك الجحر كان مما تسكنه الجن، فانتقموا منه، ولا شك أن الجن تتسلط على الإنس إذا أضروا بهم ولم يذكروا اسم الله ، وأما إذا ذكروا اسم الله فإنه يحول بينهم وبين الذاكر.
ومثل البول في الجحر البول في النار أو الرماد فإن الرماد يقرب أن يكون من مساكنهم- أي الجن- لأنهم يسكنون الأماكن اللينة.
أما البول في النار فقد قيل بأنه يورث السقم، وقد يتطاير شيء من النار عليه إذا بال فيها، هكذا عللوا .